فإن كلمة " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" لابدُ من النطق بها، أول شئ لابد من النطق بها، لأن المشركين أَبَوْا أن ينطقوا بها؛ لأنهم يعلمون أنهم إذا قالوها تركوا عبادة الأصنام، واقتصروا على عبادة الله وحده وهم لا يريدون ذلك، يريدون البقاء على أصنامهم، يريدون أن يعبدوا الله ويعبدوا معه الأصنام وهذا باطل، لأن عبادة الأصنام تُبطل عبادة الله وتُبطل كلمة " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فهم لمَّا رأوا هذا أَبَوْا أنَّ ينطقوا بها، لما قال لهم رَسُولِ اللهِ - صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - قولوا: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" تفلحوا، قالوا: ( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) فهموا معناها: أنها تنفي وتُبطل عبادة ما سوى اللهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فهم لا يريدون هذا، أَبَوْا أن ينطقوا بها، لأنهم يأنفون من التناقض أن يقولوها وهم يعبدوا غير الله، فتمسكوا بما هم عليه، (وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) هكذا يقولون: (امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ) لا تتركوها لأنكم إذا قلتم " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" تركتم آلهتكم، فهم لا يريدون هذا، لا يريدون قولٌ بلا عمل .
مثل جهال المسلمين يقولونها ويدعون غير الله، قولٌ بلا عمل ما تنفع! إذا قالها الإنسان فلابد أن يعرف معناها أولًا، معناها: "لا معبود بحق إلاَّ الله" هذا معناها، مقتضاها: أن يترك الشرك، ويبتعد عنه ويُعبد الله وحده لا شريك له، هذا مقتضاها . أمَّا أن ينطق بها ويكررها بدون أن يعمل بمقتضاها فإنها لا تنفعه، لأنها نقضها بالشرك فليس المراد التلفظ بها فقط! المنافقون وهم الذين هم أظهروا الإسلام وهم يُبطنون الكفر في أنفسهم؛ منافقون في الدرك الأسفل من النار (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) يقولون: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ولكن لا يعتقدونها بها بقلوبهم؛ ينطقون بها بألسنتهم "تقية" ولا يعتقدونها بقلوبهم، صاروا في الدرك الأسفل من النار، شرٌ من الذين امتنعوا من قولها! شرٌ من المشركين الذين أَبَوْا أن يقولها، ليس المراد النطق بها فقط!
المتن: وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها .
الشرح: "مع الجهل بمعناها" لابد من أن تعرف معناها، معناها: "لا معبود بحقٍ إلاَّ الله" هذا معناها، هذا شئ؛ الشئ الثاني: لابد أن تعمل بمقتضاها، بأن تترك عبادة غير الله .
المتن: فإنّ المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدّرك الأسفل من النار، مع كونهم يُصلون ويتصدقون،
الشرح: هم يصلون ويصومون ويتصدقون، وقد يجاهدون مع الرَسُول - صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - في الظاهر؛ وأمَّا في قرارة قلوبهم فهم لا يؤمنون، لكنهم يعملون هذه الأشياء "تقية" ليعيشوا مع المسلمين، لذلك صاروا في الدرك الأسفل من النار - والعياذ بالل